برنارد لويس
رأس الأفعي في مخطط تقسيم الشرق الأوسط
برنارد لويس
إذا قدر لبيت أن تدخله الأفاعي ولم ير أصحابه سوي ذيولهم فقط, فإن العقل يقول إنه يجب عليهم أولا أن يروا رءوسهم ليعرفوا عددهم الحقيقي ويحددوا كم السم المتوقع أن تبثه هذه الثعابين في أرجاء المنزل وكيف ستتحرك وبمن ستبدأ؟!..ربما كان هذا هو الحال الأقرب لحال منطقة الشرق الأوسط عندما تتردد من حين لآخر تسريبات حول المساعي الغربية بقيادة الولايات الأمريكية المتحدة واسرائيل لتنفيذ مخطط لتقسيم المنطقة إلي عدة دويلات صغيرة وضعيفة علي أساس عرقي وطائفي ومذهبي في سبيل تحقيق حلم دولة اسرائيل الكبري والسيطرة علي الأماكن الغنية بالنفط والثروات الطبيعية.
وقد تجددت شجون هذا الحديث مؤخرا عندما نشرت صحيفة نيويورك تايمز خريطة تظهر فيها خمس دول بالشرق الأوسط وقد قسمت إلي14 دولة وفقا لاعتبارات قبلية وطائفية.. ولكي لا تمر الواقعة هذه المرة دون أن نعرف من أين أتت كل هذه السموم الفتاكة, تحاول السطور التالية كشف النقاب عن رأس الأفعي الذي بفضل مجهوداته الدءوبة كتبت كل مخططات تقسيم المنطقة الحالية. إنه المستشرق و المؤرخ برنارد لويس صاحب أول مخطط مكتوب لتقسيم المنطقة وصاحب نظرية أن الاستعمار للشعوب العربية نعمة تخلصهم من آفة الجهل والتخلف التي أرستها فيهم الأديان السماوية ولاسيما الاسلام.
ولد لويس في أسرة يهودية أشكينازية في انجلترا عام1916, عني بدراسة اللغات الشرقية منذ صغره وتخصص في دراسات الشرق الأدني والأوسط وحصل علي درجة الدكتوراة في تاريخ الإسلام. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية استدعي لويس للخدمة في الجيش البريطاني وبالفعل خدم في جهاز الاستخبارات, والذي يعتقد أنه مازال علي صلة به حتي الآن. وهو الأمر الذي لا يمكن ان يستبعده كل من يقرأ كتاباته عن ضرورة إحياء الاستعمار الانجليزي للمنطقة و أنه علي الولايات المتحدة أن تضع في اعتبارها تجربة الاستعمار الانجليزي للمنطقة وأن تبني عليها فيما يتعلق بمخططاتها بالشرق الأوسط الجديد الذي ترنوا إليه.
ولويس هو صاحب أول مخطط مكتوب ومدعم بالخرائط لتقسيم المنطقة, حيث وضعه في عام1980 في أعقاب تصريحات أدلي بها مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجيسينكي قال فيها إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية من الآن فصاعدا هي كيف ستسعر نيران حرب خليجية ثانية تستطيع من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو في المنطقة. في هذه اللحظة كلفت وزارة الدفاع الأمريكية لويس شخصيا لوضع مخطط التقسيم ومنذ هذا الحين وهو مدرج علي رأس السياسات المستقبلية للولايات الأمريكية المتحدة. وجاء في هذا المخطط تقسيم18 دولة عربية إلي مجموعة دويلات صغيرة تعيش إلي جانب دولة اسرائيل الكبري.
ومن أهم ما جاء علي لسان لويس يلخص موقفه ـ وبالتالي موقف الادارة الأمريكية ـ من المنطقة التي يريد تقسيمها: إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون, لا يمكن تحضرهم, وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات, ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم, وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية.
وبينما لانزال نحن محلك سر يظل هو يبث سمومه في كتاباته واتصالاته بصناع القرار في العالم.. ولانزال نحن نغط في سهونا عن أخطر ما يهدد أوطاننا.
كتابة بقلم /
badri